Sponsor

فى نقد نظرية الملل




الإنسانية بتكره الملل  , فالحياة كفاح مستمر ضد الملل والناس قامت بالثورة لأننا شعرنا بالعجز عن تحمل هذا الملل السياسي والثقافي والدينى أكثر من ذلك , وسوف نقوم بثورات أخري اذا لم تنجح ثورتنا هذه فى بناء مجتمع أكثر إثارة وتسلية , سننزل الى الشارع ونتظاهر ونتكاتف ونضرب ونحطم ونقبل صديقاتنا فى الشوارع الخلفية وننظف ونحطم من جديد فالثورة مستمرة مادمنا نريد حياة أكثر لإثارة .

جمعة الغضب كانت ذروة المتعة فلقد جرينا وضربنا واتضربنا وحدفنا بالحجارة واتعورنا وفى ناس ماتت وهيا مستمتعة “ يا بختهم “ جرينا نحو الموت بصدور مفتوحة وقلوب مفتوحة أيضا , كنا نصرخ ونشتم ونسب ونغنى بصوت عالى دون ان يلاحظ احد أو يعترض أحد , فقط لأننا كنا جميعا نستمتع


لم أكتب منذ وقت طويل ربما لأن الحزن يهجم عليا دوما ويفقدنى عذريتى وربما بسبب عدم وجود قوي جبرية تدعونى للكتابة  , فأنا أقضي حياتى بين العمل والإنترنت ومشاهدة بعض الأفلام وأقرأ قليلا هذه الأيام بجانب مقابلة بعض الأصدقاء الذين لا أشعر معهم بافتعال المشاعر والأشياء

تعرفت على صديقة جديدة منذ حوالي شهرين وأول أمس أخبرتها بأنى حياتى أصبحت أكثر حزنا معها وصارحتها بأنى لا أريد ابتذال الحزن معها أكثر من ذلك , فالحزن دوما ليس شيئا ممل كعادة كل الأشياء التى تصبح لبعضا من الوقت غير مملة  وقولتلها ان موسم الحزن الجميل فى عنيكى ابتدي وقلبي اللى كافر بالدليل على ايديكى اهتدي

هيا ساكنة فى مدينة غير اللى انا ساكن فيها , نتحدث كثيرا على الانترنت وقليلا على الهاتف ونادرا فى الحقيقة , أوقات بتعترينا موجات من الملل فلا ندري ماذا نحن فاعلون ولا أدري ماذا أقول فتباغتنى قائلة بانى لا يجب أن أقول شيئا عندما لا أجد هذا الشيء لأقوله , فقولتلها بس احنا لو سوا كان ممكن نعمل حاجات كتيرة فى أوقات صمتنا الأبدي , أنا حزين لأننا لسن سويا الأن ولكنى لست نادما بالطبع لست نادما فقد أقلعت عن مماؤسة الندم منذ عصور سحيقة فلو كان عائض القرنى ألف كتابا بعنوان لا تحزن  فسأكتب أنا كتابا بعنوان لا تندم فلا النوم أطال عمرا ولا الندم أعاد شيئا فتندم ليه ؟

اقترحت عليها أن ندشن مشروعنا ضد الملل فى أقرب فرصة واننا سنبدا من الغد فى قراءة كتاب كل يومين وكتابة صفحتين كل يوم على الأقل ومشاهدة فيلم جديد قبل أن ننام

ورغم أنى صاحب الاقتراح الا أنى أكره أن يتم اجباري على فعل شيء حتى ولو كان هذا الشيء ممتعا ومفيدا

تحدثنا كثيرا عن اسرارنا الشخصية السوداء وعن عيوبنا الحقيقية , فانا أعتقد ان الأسرار السوداوية هي أساس كل علاقة عميقة أو ربما تحدثنا عن تلك الأسرار لنطرد الملل ونبقى الموضوع أكثر متعة , ولكن ماذا بعد أن تفنى أسرارنا السوداء ؟ هل سينتهز الملل الفرصة ويملأ هذا الفراغ ؟

أنا أؤمن بالحياة وأؤمن بالأشياء وبقدرتهما على قتل الملل , نعم يمكننى أن أقبلها فى كل بقاع الأرض دون أن نشعر بالملل ويمكننا أن نقرأ أكبر قدر ممكن من الكتب ونشاهد أكبر قدر من الفن ونصنع أكبر قدر من الأشياء ونزور كل الأماكن , يمكننا أن نفعل كثير من الأشياء قبل أن نشبع , أنا لا أريد أن أشبع , لا أريد “ على فكرة كلمة أريد دى اسرائيلية “

من حوالى ساعة طفيت التكييف وفتحت البلكونة , استغليت وجودى لوحدي فى الشقة وقلعت كل هدومي وقعدت على الفوتيه اللى بحبه ومددت رجليا على الترابيزة اللى قدام الفوتيه ومسكت القلم والورقة وبدات أكتب أى كلام , اوعوا تفتكروا ان الكلام دا ثمرة مشروعنا ضد الملل ولكن أنا بس بحب نفسي وانا بكتب

فى نقد نظرية الملل فى نقد نظرية الملل Reviewed by 5orm on 12:32:00 AM Rating: 5
Powered by Blogger.