Sponsor

الأباحة أدب

مثلث الرعب فى الأحاديث العامة ذو ثلاثة أضلاع .. الدين والجنس والسياسه , وبما أن هذا الشعب الواعي العظيم قد قام بثورة عظيمة وفشخ النظام السابق وأتى بنظام أخر أفشخ فإن ضلع السياسه انكسر وأصبح الجميع يتحدث فى السياسة , وأصبحت

المصطلحات السياسية المعقدة أكثر تداولاً من المنشطات الجنسية .


لافتة رفعت أثناء احدي المسيرات من تصوير ليليان وجدي


والحديث عن الضلع الثاني “ الدين “ أصبح متاحاً لكل من هب ودب , فالكل يحلل ويحرم كيفما يشاء وتعددت القنوات الدينية


مسيحية واسلامية يمينية ويسارية , سنية وشيعية



أما الضلع الثالث والمتعلق بالجنس والكلمات الخارجة المرتبطة به , فقد تطور الحديث عنه بصورة كبيرة فى الفترة الأخيرة  على عدة مستويات بدءاً من العلاقات بين الأصدقاء مروراً بتبادل تلك الألفاظ داخل محيط الأسرة سواء بصورة ودية أو غير ودية ووصولاً إلى استخدام تلك الألفاظ الخارجة على نطاق مجتمعي كما هو الحال فى المدونات أو الشبكات الإجتماعية كتويتر وغيرها , وبصفتي من  أشد المؤيدين لحق الفرد فى اختيار الألفاظ التى يجدها مناسبة للتعبير عن أفكاره وهواجسه , كما أ نني أتبع منهجاً فى التدوين على تويتر ومدونتى الشخصية يستخدم تلك الألفاظ القبيحة بصورة مكثفة بغرض التعريف بها وتقنينها ليس فقط  لكونها منتشرة وتؤد الغرض فى ايصال المعنى فى حروف قليلة ولكن لأنه لا مانع من استخدام تلك الألفاظ والتعبيرات فى  

حياتنا اليومية لأن تاريخ اللغة العربية مليء بتلك الألفاظ سواء فى القرأن و السنة أو الأدب وإن اختلفت حدة الألفاظ , ففي  القرأن نجد أن القرآن توسع  في اتخاذ الكنايات وسيلة لتجنب القبيح من القول , ولكن هذا لم يمنع من استخدام بعض الألفاظ مثل

لفظة  النكاح.

لفظة الفرج والفروج.

ألفاظ الجماع المختلفة.

لفظة البغاء و بغيا.

أما الحديث النبوي فقد كان أكثر تحرراً من القران فى التعامل مع الألفاظ لانه ليس كتاب الرب واستخدام الألفاظ الواقعية أمر لابد منه لتوضح الأمور , فقد وردت لفظة (أنكتها) الوارده فى حديث رجم ماعز بن مالك ورفض الرسول ان يكنى عن هذه اللفظة بأى لفظ أخر , فكيف نعتبر أن لفظ “ النيك “ لفظاً قبيحاً وقد خرج من لسان الذي قال الله فيه   (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)

ثم تطور الأمر بصورة كبيرة فى العصور الإسلامية ووصل لذروته فى العصر العباسي حيث أن الأمر لم يتوقف عند استخدام تلك الألفاظ القبيحة فى الوصف بل وصل الأمر لدرجة أن النساء استخدمن تلك الألفاظ فى كوسيلة للدفاع ضد المعاكسات , فقد ذكر أبو حيان التوحيدي في الجزء الرابع من كتابه (البصائر والذخائر) ، ما يلي: (نظر الفرزدق إلى جارية مليحة بالمدينة فقال لها: أيري في أستك، فقالت له: يا بغيض، مايضرك أن تضعه في يدي فأضعه حيث أشتهي، فقال: قد وضعته في يدك، قالت: فإني قد وضعته في حر أمك).

كما ورد في كتاب “ نوادر الأيك فى معرفة النيك “ للإمام جلال الدين السيوطي , كثير من تلك الألفاظ التى نصفها الأن بالقبيحة , بل أن الإمام السيوطي له قصيدة بعنوان “ لما تركت النيك “

وفى العصور الحديثة خاض الأدب حرباً شرسة من أجل إدخال الألفاظ القبيحة فى الأدب وتقنينها , فانتصر الغرب فى تلك الحرب ,فكثير من الروايات الصادمة للعقلية الغربية فى الماضي مثل رواية "ديكاميرون" للأديب الإيطالى بوكاشيو سنة1371، و روايات "عوليس" لجيمس جويس ومدام بوفارى لفلوبير , أصبحت من كلاسيكيات الأدب العالمي فى الحاضر , بينما الأدب العربي فشل فى تقنين تلك الألفاظ وإدخالها كألفاظ أصيلة فى الأدب , وهذا يفقد الأدب كثيراً من مصداقيته , وعلى الرغم من محاولات البعض لإدخال تلك الألفاظ فى الأدب مؤخراً على يد علاء الأسوانى وبلال فضل و أحمد مراد فى روايته “ تراب الماس “الا أنها محاولات مشوهة تضر التجربة أكثر مما تفيدها , وسبق تلك المحاولات محاولات لجمال الغيطانى وصنع الله إبراهيم, ولكن رواية “ لبن العصفور “ ليوسف القعيد تعتبر الأكثر اثارةً للجدل وذلك لأنها كتبت كلها باللغة العامية الدارجة دون تصنع فى اختيار الألفاظ , و نورد هنا جملة قيلت على لسان ترتر إحدى شخصيات رواية القعيد :

"وأنا نص نايمه و نص صاحيه يروح عامل اللى هو عاوزه، نوبه لقانى نايمه بالكلوت راح نازل من فوقى وطلع على وسط الدار ومعاه عصايه نقرش بيها جتتى حته حته.. خطوط الضرب كانت باينه خط خط زى كراريس العيال بتاعت المدارس.

ورغم واقعية تلك الألفاظ الا أنها تظل بعيدة عن لغة الشارع وخصوصاً تلك اللغة التى برزت فى العشر سنوات الأخيرة والتى تتضمن ألفاظاً مثل ذلك اللفظ الذي لا يخلو منه مجلس ويعبر عن الملل والضجر أو ما يمكن ترجمته للعربية الفصحى بـ “ آلام الخصية “ أو أعراض انخفاض الخصية واحتكاكها بالأرض نتيجة للملل و الموقف المبتذل أو تخييب الظن , أو عنما يرسلك صديقك لشراء البيض من محل البقالة المجاور فيأتيك ببيض فاسد , فتسأله ما هذا البيض و خصيتاك تحتكان بالأرضية .

وهناك أيضا تلك الكلمة التى تصف الجبن ونفاق الأقوى وظلم الضعيف  والإحتماء فى السطة أياً كانت السلطة

وهناك أيضا المرادف الشعبي لكلمة عاهرة أو مومس , ورغم  أننا فى الريف نستخدم كلمة شرموطة كمرادف لقطعة الملابس التى تستخدم فى التنظيف أو حمل أوانى الطهي الساخنة ,ألا أننى لا أجد حرجا فى تداول تلك الكلمات حتى ولو كانت تتعلق بالجنس فقط , فما الذي يخيفنا من الحديث عن الجنس رغم أن الجميع يمارسه بشكل أو بأخر , رغم أننا نتحدث ليل نهار عن الدين والسياسة ولا نمارسهما ؟

ونأتى للسينما فنجدها قطعت شوطاً لا بأس به مؤخراً بإدخال لفظة  “ أحه “ للسينما مرة بطريقة ملتوية في فيلم أحمد مكي “ اتش دبور “ ومؤخراً بطريقة مباشرة فى فيلم “ الخروج من القاهرة “ ورغم ان الفيلم ينافس على جائزة أفضل فيلم روائي فى مهرجان تطوان السينمائي فى المغرب إلا ان الرقابة المصرية رفضت عرضه فى مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية والفيلم  للمخرج  هشام عيسوى وبطولة محمد رمضان , وفي الفيلم فتاة تقول “ انت فاكر انك عشان بتديني الموتسيكل الزباله بتاعك دا هتذلني .. أحه “ 


برومو فيلم الخروج من القاهرة

كما أدخل فيلم “ واحد صحيح “ للمخرج هادى الباجوري جديدة للسينما المصرية وهي “ خرا “ و “ فشختك “


مشهد للفنانة بسمة من فيلم واحد صحيح

والسينما أيضا تحتوي على العديد من المشاهد التى يمارس فيها فعل “ الشخر “ بدءاً من أفلام يوسف شاهين

مروراً بإعلانات ميلودي ووصولاً لفيلم الديلر , وقد قام المدون وائل عباس بتجميع بعض مشاهد الشخر فى السينما المصرية على هذا الرابط : http://bit.ly/shakhr


مشهد لعزت العللايلي وهو يشخر فى فيلم اسكندرية ليه

ومع قدوم الثورة ,  والثورة تعني ثورة فى كل شيء , ثورة على النظام والتقاليد وكل ما هو سائد , ولأن الثورة فى رأيي هي بمثابة اعتراف ضمني بمشاكل هذا المجتمع وأى تنصل من تلك المشاكل يعتبر خيانة للثورة , ففي الثورة كانت تلك الهتافات التى تحوي ألفاظاً خارجة هي الأحب لقلبي , فأنا لا أتخيل جمعة الغضب من دون “ يا حكومة وسخة يا ولاد الوسخة “ أو هتافات المتظاهرين أثناء أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء التى تناولت العضو التناسلي لبعض الشخصيات السياسية التى تقود البلد ,حيث كنا نقول “ بنقولك يا مشير “ عضو “ أمك فى التحرير “  فتلك الشتيمة الشهيرة التى تتناول العضو التناسلى للأم لا تعتبر شتيمة لأنها مبتدأ بلا خبر ,, فعندما يقول لى أحدهم “ عضو أمك “ أصاب بالصاعقة وأتوقف لأسأله ,  ماله , هل أصابه مكروه يا أخي ؟

كما أن هناك العديد من رسومات  الجرافيتي التى تحتوى على الفاظ خارجة , والعديد منا رفع لافتات تحتوى على الفاظ خارجة , وأتذكر أنني كتبت “ يسقط يسقط حكم الشرشر “ على حسابي فى تويتر فوجدتها بعد فترة على إحدى اللافتات

أنا حقاً لا أتخيل حياتي من دون تلك الألفاظ الخارجة ,فأنا لست مستعداً للنطق بجملة كاملة فى سبيل التعبير عن شيء يمكننى التعبير عنه بحروف قليلة , ولست وحدي في هذا الأمر , بل كل معارفي وأصدقائي من البنين والبنات يستخدمون تلك الألفاظ يومياً وأعتقد أن الكثير منكم يستخدمها , فمن منكم لم يضحك عندما يستمع أو يقرأ لأحدى النكات الجنسية , والنكات الجنسية هي الأكثر قدرة على انتزاع الضحكات منا لأنها تستخدم ألفاظأ قوية أقرب للواقع دون عناء التكلف والإبتذال , كما أن كثير الأدباء والفنانين يستخدمون تلك الألفاظ الدارجة , فلنقرأ مثلا ما كتبه صديق نجيب محفوظ في شبابه الدكتور أدهم رجب حيث يقول: كان نجيب محفوظ ابن نكتة, وكان في رمضان يصحبنا إلي مقهي الفيشاوي القديم في اواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات, حيث كان هناك أولاد نكتة محترفون يتصايحون بالنكت الجنسية السافرة, ويا ويل من يستلمون قافيته,.. كان نجيب يتصدي لهم بمقدرة غريبة علي توليد الأفكار وتحقيقها بنكت فيجعلهم أضحوكة الجميع.

إذا نحن أمام إشكالية , فالألفاظ الخارجة منتشرة على نطاق واسع وبين كل الفئات والطبقات كما أنها ذات خلفية تاريخية ودينية , وعلى الجانب الأخر نجد ذلك الصمت الجماعي المتفق عليه والمتمثل فى تيار المحافظة على اللغة العربية والأخلاق الحميدة وغيرها من الأفكار التكفيرية والتحريمية الصادرة من كيانات دينية بجانب الأفكار التوجيهية الصادرة عن كيانات تنموية وإجتماعية وثقافية , وحتى لو رفعت تلك الهيئات الرقابية والتوجيهية يدها عن هذه الألفاظ وغيرها من القضايا محل الجدال فإن الرقابة الإجتماعية ستقوم بدورها فى المنع والتجريم , والرقابة الإجتماعية أوسخ من الرقابة الرسمية لأن الأولى تكون مرتبطة بالدين والمجتمع أم الرقابة الرسمية فهي رقابة سياسية فى المقام الأول .

نحن في مرحلة انتقالية بين ثورة قابلة للإنفجار فى أى وقت وبين نظام جديد أو قديم بوجوه جديدة سيحل , وعلينا أن ننتهز الفرصة وننحي التفكير جانباً ونبدأ في فعل الأشياء , فتلك الألفاظ يجب أن تقنن ويسمح بها فى مختلف الفنون الأداب  , فالأباحه أدب مش أى كلام 

الصورة أعلاه لــ ليليان وجدي

نشر المقال فى جريدة أخبار الأدب 
الأباحة أدب الأباحة أدب Reviewed by 5orm on 6:09:00 PM Rating: 5
Powered by Blogger.